


بطاقة الكتاب
الكاتب: عبد الوهاب البياتي
الكتاب: ملائكة وشياطين
النوع: شعر
القياس: 15سم * 22.5سم
الصفحات: 144 صفحة
يُمثل ديوان“ملائكة وشياطين” (1950) للشاعر العراقي عبد الوهاب البياتي، باكورةً تأسيسيةً في مسيرته الأدبية. صدر الديوان عندما كان الشاعر في الرابعة والعشرين من عمره، وهو يُعدّ باكورة أعماله التي سبقت تحوّله إلى رمز من رموز الشعر الحر، وفي خضم تحولات العراق السياسية والاجتماعية أواخر الأربعينيات، حيث بدأت أصوات تدعو لأدبٍ يواجه الواقع بجرأة، بعيداً عن الانكفاء الرومانسي. رغم هيمنة البنية العمودية واللغة المتأثرة بالرومانسية على معظم قصائد الديوان، إلا أنه يحمل بذوراً أولى للتجديد الذي سيتجلى لاحقاً في شعر البياتي. ففي قصيدة “لقاء” نلمح تخلّياً جزئياً عن الوحدة العضوية التقليدية لصالح تدفقٍ سرديٍ يشير إلى استعداد الشاب البياتي لمغامرة الشعر الحر، وإن بحذرٍ يختلف عن جرأة السياب أو نازك الملائكة في تلك المرحلة.
تطفو على سطح النصوص هواجس وجوديةٌ عميقةٌ ممزوجةٌ بحسٍ رومانسيٍ يائس، تعكس رؤيةَ شابٍّ يبحث عن معنى في عالمٍ قاسٍ. تتجلى هذه الرؤية من خلال ثنائياتٍ متناقضةٍ تمنح الديوان عنوانه وتفصله: “الملائكة/ الشياطين”، “الحب/ الموت”، “الضوء/ الظلمة”. فالشاعر يتأرجح بين سعيٍ مثاليٍّ نحو النقاء الروحي (المتجسد في صورة الملائكة والحبيبة-الملاذ) وصدامٍ مع قوى الظلام والاغتراب الداخلي (الشياطين).
رغم محدودية نضجه الفني مقارنةً بالإعصار الذي أحدثه ديوان “أباريق مهشمة” (1954) الذي مثّل تحولاً جذرياً نحو الواقعية والرمزية السياسية، يظل “ملائكة وشياطين” وثيقةً بالغة الأهمية. فهو يكشف التدرج في مسيرة البياتي الفكرية والفنية، حيث لم تكن القطيعة مع التراث فجائية، بل تطورت عبر تجارب متعاقبة تحت ضغط الواقع العراقي والتحولات الفكرية والسياسية العالمية الذي دفع الشاعر لاحقاً نحو خطابٍ أكثر إيلاماً وتمرداً.
لا يمكن اختزال هذا الديوان كمجرد تجربة شابٍّ متأثر بالرومانسية. إنه بيانٌ غير معلنٍ عن لحظةٍ مفصليةٍ في الشعر العربي، حيث تختمر التناقضات: بين القديم البنيوي والحديث في الرؤية، بين الذاتي والوجودي، بين الحلم الرومانسي وصدمة الواقع. من رحم هذه الثنائيات – الملائكة والشياطين – سيولد شاعرُ الحداثة الكبير، حاملاً معه هاجس الموت والضياع، لكن أيضاً إصراراً على البحث عن الجمال والمعنى في قلب العتمة. إنه ديوان البدايات الضرورية، الذي يحمل في طياته وعودَ ما سيأتي.










