


بطاقة الكتاب:
الكاتب: سليم مطر
الكتاب: كوكب الصفاء
النوع: رواية
القياس: 15سم * 22.5سم
الصفحات: 160 صفحة
تندرج رواية “كوكب الصفاء” للكاتب العراقي سليم مطر, في إطار الأعمال الطموحة التي تتحدى التصنيفات التقليدية، محاولةً نسج خيوط متشابكة بين الخيال العلمي الصارم والتصوف الروحي والتحليل الاجتماعي. بطلها “آدم” – القادم من يوتوبيا كوكب “سيلام” – ليس مجرّد مراقب محايد، بل هو “باحث متدخّل” يمارس التماهي مع المجتمعات الأرضية عبر سلسلة من التجارب التي تثير إشكاليات منهجية وأخلاقية عميقة. فهل يُعقل أن تمثل “الملاحظة بالمشاركة” – وفق منهجية البحث الأنثروبولوجي – اختراقاً للحضارات عبر التلاعب ببنياتها الأساسية (كالفصل الجنسي في “إنسان آباد” أو محاكاة الظهور الإلهي)؟ هذا التناقض بين غاية الفهم ووسيلة الاختراق يشكل إحدى الثيمات المركزية التي تستحق التوقف عندها نقدياً.
تتسم الرواية بجرأة في طرح الأسئلة الوجودية والاجتماعية، حيث تستخدم شخصية المراقب الخارجي (آدم) كأداة لتفكيك ثنائيات أساسية: المذكر/المؤنث، المادي/الروحي، العلم/الدين، النظام/الفوضى. غير أن هذه الجرأة الفكرية تصاحبها تدخلات سردية مثيرة للجدل: فآدم لا يكتفي بالملاحظة، بل ينخرط في التلاعب بالواقع الاجتماعي (مثل فصل الجنسين في قرية هندية أو إحداث ظهور “إلهي” تقني في السماء لتغيير المعتقدات)، مما يطرح تساؤلات أخلاقية عميقة حول منهجية البحث نفسها وحدود التدخل.
يبدو البناء السردي كسلسلة من الحلقات المنفصلة نسبياً (16 فصلاً)، كل منها يمثل “تجربة” أو “مغامرة” استكشافية جديدة لآدم على الأرض. هذا التقسيم يعكس طبيعة المهمة البحثية ولكن قد يؤثر على تماسك القوس السردي العام للرواية. ومع ذلك، فإن القوة التخيلية تظهر في تصوير عوالم فرعية غريبة ومثيرة (مثل جزيرة الصفاء الخالية من الجريمة، أو المجموعة المحاصرة التي تتحول إلى كائنات تبتعد عن سلوكياتها البشرية)، وهي عوالم تخدم فكرة الرواية الأساسية عن غرابة واختلاف الحياة الأرضية من منظور خارجي.
تستثمر الرواية أسلوباً هجيناً يجمع بين السرد العلمي الموضوعي (المنسوب إلى خلفية آدم العلمية) والخيال الروحي الصوفي والأسطوري، محاولةً خلق نسيج سردي يعكس تعقيد التجربة الإنسانية. غير أن هذا المزج قد يتطلب من القارئ جهداً إضافياً للتوفيق بين المنظورين أحياناً.
تصل الرواية إلى ذروتها باعتراف آدم بتأثير إقامته على الأرض عليه شخصياً، واقتناعه بضرورة تغيير النظرة الدونية من سكان سيلام تجاه الأرض. هذه النهاية تحوّل الرواية من مجرد سجل استكشافي إلى قصة تحول شخصي وتأمل في إمكانية التلاقي بين حضارتين متباينتين.
باختصار، تقدم الرواية رحلة فكرية تخيلية محفوفة بالمغامرة والمخاطرة الأخلاقية، تسبر أغوار الوجود الإنساني عبر عيون غريبة. إنها محاولة طموحة لاستكشاف الثنائيات الكبرى الحاكمة للحياة البشرية (المادة/الروح، الذكر/الأنثى، العلم/الدين) من خلال حبكة مغامراتية تعتمد على التدخل المباشر في النسيج الاجتماعي والروحي للأرض، مما يجعلها عملاً مثيراً للتأمل والنقد في آنٍ معاً.










