


بطاقة الكتاب:
الكاتب: لؤي عبد الإله
الكتاب: العبور إلى الضفة الأخرى
النوع: قصص قصيرة
القياس: 15سم * 22.5سم
الصفحات: 162 صفحة
في مجموعة “العبور إلى الضفة الأخرى“، يقدم الكاتب العراقي لؤي عبد الإله نصوصًا قصصية تنبض بكثافة إنسانية، وتتقاطع فيها التجربة الفردية مع القلق الجمعي، في عالم يتداخل فيه الواقعي بالحلمي، والزمن بالمكان، والذات بالذاكرة. لا تنشغل القصص بحبكات تقليدية بقدر ما تغوص في أعماق شخصيات مهشّمة، تصارع أوهامها، وتعبر رمزيًا نحو ضفة أخرى: ضفة الوعي، أو الفقد، أو الجنون، أو الانطفاء. الشخصيات، من مصطفى الطفل في القصة الأولى إلى الراوي المريض نفسيًا في “النرد“، تنتمي إلى بيئات متنوعة ومتباعدة جغرافيًا – البصرة، بغداد، براغ، وهران، بيروت – لكنها تتقاطع جميعها في شعور الاغتراب والتفكك، وكأن العالم الذي تعيشه هذه الشخصيات لا يمنحها سوى عزلة مضاعفة.
يتعامل عبد الإله مع الزمن بشكل غير خطي، ويستخدم المرض، الجنون، والموت كأدوات جمالية وفكرية لتفكيك العالم الداخلي لأبطاله. في كل قصة تقريبًا، نجد معادلًا شعريًا للمعاناة: سواء أكان عبور النهر في قصة “العبور إلى الضفة الأخرى“، أو النبوءة التي تتحول إلى لعنة في “النبوءة“، أو النرد الذي يلقيه رجل الأمن للراوي كرمز لقدَر عبثي في “النرد“. هذه الرمزية الكثيفة، المسنودة بلغة موسيقية شفافة، تصنع توازنًا حساسًا بين التجريب والانفعال الصادق.
وعلى الرغم من أن المجموعة تلمح إلى تجارب حقيقية عاشها الكاتب أو تأملها عن قرب، إلا أنها لا تسقط في فخ التوثيق، بل تعيد تحويل هذه التجارب إلى أدبٍ رفيع يلامس أسئلة الإنسان الكبرى: الهوية، الوجود، الندم، العزلة، والانكسار أمام سلطات متوحشة أو أوهام ذاتية. المرأة، رغم غيابها الظاهري، تلعب دورًا حاسمًا في لحظات التحوّل. النهايات تبقى مفتوحة في أغلب القصص، كما لو أن القصص ترفض تقديم أجوبة، وتصر على ترك القارئ في مواجهة هواجسه. في “العبور إلى الضفة الأخرى“، لا يعبر الأبطال مجرد أنهار أو مدن، بل يعبرون هشاشتهم، انكساراتهم، وخساراتهم، ليعيدوا اكتشاف هشاشة الإنسان المعاصر. إنها مجموعة تكتب القلق الوجودي بلغة مشبعة بالحساسية، وتمنح القصة القصيرة العربية نَفَسًا تأمليًا جديدًا، يربط الذات بالتاريخ، والخاص بالكوني، والمأساة بالممكن الشعري.










